معلومات الكاتب

دور العملات الرقمية في تعزيز الاستدامة المالية للمؤسسات التنموية
عمرو عاشور
خبير في مجال سلاسل الكتل والعملات الرقمية
المدير التنفيذي لمؤسسة بيوزون للتنمية - بريطانيا، خبير في مجال سلاسل الكتل والعملات الرقمية
عرض مقالات الكاتب

بيانات التواصل

شارك المحتوى

دور العملات الرقمية في تعزيز الاستدامة المالية للمؤسسات التنموية

التحول الرقمي
الاثنين، 7 يوليو 2025
135 مشاهدة
blog

قد يظن القارئ بأني أدعو إلى شراء العملات الرقمية أو الاستثمار فيها من أجل الحصول على عائد كبير يعود على المؤسسة بالربح الوفير، وعليه فإني أود التوضيح بأن مقالي هذا لا يوفر أي نصيحة استثمارية لشراء أي نوع من العملات الرقمية وإنما يهدف إلى مناقشة دور العملات المشفرة في تعزيز الاستدامة المالية للمؤسسات بشكل عام وخصوصاً التنموية، والتي توفر حلولاً عمليةً ومبتكرة تساعد المؤسسات على تسهيل إجراء المعاملات المالية وتحسين إنتاجيتها وغيرها من الأدوات التي قد يمكن التطرق إليها في مقالات أخرى لاحقة.

في ظل التطور السريع في مجال التكنولوجيا وتبني العديد من المؤسسات لمنطق التحول الرقمي، تبرز فرصاً عديدة يمكن تسخيرها لتطوير وتعزيز عمل المؤسسات التنموية، حيث تساهم المؤسسات التنموية في تطوير وتحسين البيئة المجتمعية للأفراد والمؤسسات عبر دعم مشاريع متنوعة في مجالات التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية وغيرها من القطاعات الحيوية، ولهذا تحرص المؤسسات التنموية على توفير الدعم اللازم وخصوصاً الدعم المالي من أجل استمرارية عمل المؤسسة وتحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله.

 

سلاسل الكتل


ومن بين هذه الحلول العملية التي يمكن تسخيرها في خدمة أهداف المؤسسات التنموية هي تقنية سلاسل الكتل  أو “البلوكتشين" التي أحدثت ثورة هائلة في مجال المدفوعات الرقمية وهو ما انبثق عنها بما يعرف اليوم بالعملات الرقمية ، والتي يتم استخدامها كوسيلة لتبادل الأصول من خلال تقنية التشفير، حيث تتميز هذه التقنية بالخصوصية والسرعة في النقل بين مختلف الكيانات على صعيد الأفراد أو المؤسسات.


كما يتيح النظام اللامركزي إمكانية الوصول إلى الأصول الرقمية للمؤسسة بسرعة كبيرة وعلى مدار الساعة دون التقيد بمواعيد العمل التقليدية التي تفرضها البنوك والمؤسسات الحكومية. بالإضافة إلى عدم وجود جهة مركزية تتحكم في أصول المؤسسة الرقمية، يعطي اريحية في إجراء المعاملات المالية وغيرها بسهولة تامة، خاصة أن بعض البنوك الدولية والمحلية قد تفرض حظراً على بعض المعاملات لأسباب سياسية أو اقتصادية، وهنا يبرز دور تقنية الأصول المشفرة والتي تساعد في إجراء المعاملات المالية دون أي قيود.

 

التمويل الجماعي والتبرعات


عادة عندما يتم جمع التبرعات أو المحاولة على الحصول على تمويل جماعي، تقوم المنصات والبنوك بخصم نسبة كبيرة من الأموال التي يتم جمعها لتنفيذ مشروع ما، فبعض المنصات قد تصل رسوم المعاملة الواحدة إلى حوالي 5 بالمئة من قيمة المعاملة الأصلية، وبعض المنصات الأخرى قد تقوم بإضافة رسوم إضافية ثابتة على كل معاملة وبالتالي تصبح النسبة الكلية للرسوم مرتفعة جداً.

وهنا تبرز أهمية استخدام العملات الرقمية وخصوصا عند تنفيذ المعاملات المالية والتي قد تصل رسومها الأصلية في بعض الأحيان إلى حد قريب من الصفر  بغض النظر عن القيمة الأساسية للمعاملة.

مع العلم أن هذا يعتمد على حسب نوع الشبكة التي يتم استخدامها لإجراء تلك المعاملة، حيث أن هناك شبكات قد تبلغ رسوم إجراء المعاملات عليها أضعاف قيمة الرسوم التي تفرضها المنصات المركزية، ولهذا فإن الاعتماد على العملات الرقمية واختيار الشبكة المناسبة يعد من أفضل الأدوات لأجراء المعاملات وتقليل النسب المقتطعة من قيمة التمويل.
ومن الامثلة على جمع التبرعات من خلال العملات الرقمية في مجال العمل التنموي، ما قامت به منظمة "أنقذوا الأطفال " حيث اعتمدت على توفير آلية بسيطة جدا من خلال استخدام العملات الرقمية لاستقبال التبرعات وخدمة المشاريع المتعلقة في الأطفال وخصوصاً في المناطق التي تعاني من الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية والتي قد تقوم بعض المؤسسات البنكية والحكومية بإيقاف العمل في هذه المناطق. فيمكن لأي مؤسسة تودّ جمع التبرعات أو تنفيذ تمويل جماعي من خلال نشر عنوان المحفظة الرقمية العام وبدء استقبال العملات الرقمية عليها.


أيضاً في الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا، فقد عملت أوكرانيا على توظيف العملات الرقمية من أجل الحصول على تمويل سريع والذي تم استخدامه في شراء الأسلحة والذخيرة والمعدات الطبية، حيث قامت بتوفير عناوين لمحافظ رقمية متعددة للحصول على التبرعات من جميع أنحاء العالم، وقد وصلت قيمة التبرعات لأكثر من مائتين وخمسة وعشرين مليون دولار بنهاية عام 2023 .

 

التحديات 


من التحديات التي قد تواجهها المؤسسات التنموية هو عدم فهم استخدام تقنية الأصول المشفرة أو الرقمية، مع أن استخدام التقنية بسيط إلى حد ما إلا أن ارتكاب بعض الأخطاء الصغيرة في هذا المجال قد تتسبب في خسائر كبيرة. فمثلاً هذا المجال يعتمد بشكل رئيسي على تقنية اللامركزية في إجراء المعاملات وبالتالي فلو تم تنفيذ معاملة مالية بشكل غير صحيح، فإنه يتم خسارة القيمة كاملة ولا يمكن استرجاعها أو تعديل المعاملة لذا يجب أن يكون الشخص المختص بتنفيذ المعاملات عنده أهم أساسيات تنفيذ المعاملات على سلاسل الكتل.
أيضاً ومع أن هذه التقنية توفر خصوصية عالية جداً عند إجراء المعاملات، إلا أن عمليات الاحتيال وسرقة الأصول الرقمية ما زالت تمثل تحدياً حقيقياً أمام المؤسسات، فبمجرد معرفة الكلمات السرية للمحافظ الرقمية التي يتم تخزين الأصول عليها، فإنه يمكن سرقتها من المحفظة بكل سهولة.


من المشاكل الأخرى التي قد تواجه المؤسسات التنموية في حال استخدام العملات الرقمية هو تعرض المؤسسة للمساءلة القانونية حيث ما زال هناك عدد كبير من دول العالم تمنع استخدام العملات الرقمية ولم توفر لها أي إطار قانوني بعد، وهنا تجدر الإشارة إلى الدور الريادي لبعض الدول العربية التي سارعت إلى تبني التحول الرقمي واستخدام هذا المجال والبدء بتنظيم التعامل بالعملات الرقمية وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة والتي ساهمت في استقطاب العديد من المستثمرين الدوليين وأصحاب الملايين للاستقرار في دولة الإمارات لما في ذلك من تسهيل الإجراءات الحكومية والدفع من خلال العملات الرقمية  وغيرها من الخدمات الأخرى المبنية على نظام الأصول المشفرة.


وعلى الرغم من التحديات التي تم ذكرها إلا أن مجال العملات الرقمية يمثل نقلة نوعية ويوفر أدوات عديدة لتعزيز الاستدامة المالية مما يجعلها خياراً استراتيجياً لجميع المؤسسات والشركات وخصوصاً المؤسسات التنموية. ولا شك أن نجاح هذه الأدوات يعتمد أيضاً على توفير بيئة تنظيمية داعمة من قبل الحكومات لتسهيل استخدام العملات الرقمية والتي تساهم في تعزيز المرونة المالية للمؤسسات وتحقيق أهدافها بكفاءة عالية.

 

خلاصة القول

 

رغم التحديات، تُمثل العملات الرقمية نقلة نوعية في مجال التمويل للمؤسسات التنموية، وتوفر أدوات مبتكرة تعزز الاستدامة المالية. ومع دعم حكومي وتنظيم قانوني ملائم، يمكن أن تصبح هذه التقنية ركيزة أساسية لتحقيق أهداف المؤسسات بكفاءة ومرونة.

 



المصادر 

 

تجمّع التبرعات الرقمية: 225 مليون دولار لدعم أوكرانيا في حربها

أول منظمة إنسانية دولية تقبل التبرعات بالعملات الرقمي

دبي تُدخل العملات الرقمية لمحطات الوقود

كيف يساعد Swapzone في تقليل الرسوم؟

ما هي رسوم المعاملات؟

ما هي العملة المشفّرة؟

ما هي سلسلة الكتل؟

 

 

 

 

هل كان المقال مفيداً؟

يجب عليك تسجيل الدخول لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة

المزيد من المقالات
التحول الرقمي في العمل التنموي: نحو فعالية مستدامة
التحول الرقمي
الاثنين، 12 مايو 2025

التحول الرقمي في العمل التنموي: نحو فعالية مستدامة

تحليل شامل لأهمية التحول الرقمي في تعزيز فعالية وشفافية المنظمات التنموية وتحقيق أثر مستدام في ظل التحديات الحديثة.
avatar
عمران سالم
مستشار في أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية
0 438
دور الابتكار الرقمي في تعزيز كفاءة العمل الإنساني
التحول الرقمي
الثلاثاء، 27 مايو 2025

دور الابتكار الرقمي في تعزيز كفاءة العمل الإنساني

كيف يمكن للتقنية أن تُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الناس؟ في هذا المقال أسلط الضوء على دور الابتكار الرقمي في تحسين الاستجابة الإنسانية، من تسريع العمليات إلى حماية البيانات، مع أمثلة واقعية وشراكات ملهمة من منطقتنا.
avatar
ابراهيم حسن
خبير في تطوير برمجيات والتحول الرقمي
0 220